دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق ببعض الحيوانات
قصة البعير وسجوده وشكواه لرسول الله صلى الله عليه وسلم
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أهل البيت من الأنصار لهم جمل يسنون عليه وأنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره وأن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنه كان لنا جمل نسني عليه (أي نستقي عليه) أنه استصعب علينا ومنعنا ظهره، وقد عطش الزرع والنخل
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فقاموا فدخل الحائط والجمل في ناحيته، فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
فقالت الأنصار: يا رسول الله إنه قد صار مثل الكلب وإنا نخاف عليك صولته
فقال: ليس عليََ منه بأس
فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجداً بين يديه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته أذل ما كانت قط، حتى أدخله في العمل فقال له أصحابه: هذه البهيمة لا تعقل تسجد لك، ونحن أحق أن نسجد لك
فقال: لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفس محمد بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تتفجر بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه - رواه الإمام أحمد في مسنده
وعن عبد الله بن جعفر- رضى الله عنهما قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه فأسر إليَ حديثاً لا أخبر به أحداً أبداً وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب ما استتر به في حاجته هدف أو حائش نخل (أي جماعة النخل) فدخل يوماً حائطاً من حيطان الأنصار فإذا جمل قد أتاه فجرجر (أي ردد صوته في حنجرته) وذرفت عيناه قال بهر وعفان: فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَ وذرفت عيناه فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سراته (الظهر وقيل السنام) وذفراه (العظم الشاخص خلف الأذن) سكن فقال: من صاحب هذا الجمل؟
فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله
فقال: أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملككها الله، إنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه - رواه أبو داوود والإمام أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك
إخبار الذئب بنبوته صلى الله عليه وسلم
عن أبي سعيد الخضري رضي الله عنه قال: عدا الذئب على شاة فأخذها فطلبه الراعي فانتزعها منه، فأقعى الذئب على ذنبه فقال: ألا تتقي الله؟ تنزع مني رزقاً ساقه الله إلي؟
فقال: يا عجبي ذئب يقعي على ذنبه يكلمني كلام الإنس
فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد صلى الله عليه وسلم بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق
قال : فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي: الصلاة جامعة ثم خرج فقال للراعي أخبرهم فأخبرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق، والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس، ويكلم الرجل عذبة سوطه، وشراك نعله، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده - رواه الأمام أحمد في المسند، و الحاكم في المستدرك، وابن سعد في الطبقات
وفى رواية من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عندما كلم الذئب راعي الغنم فقال الرجل: تالله إن رأيت كاليوم ذئباً يتكلم
فقال الذئب: أعجب من هذا الرجل في النخلات بين الحرتين (أي المدينة المنورة) يخبركم بما مضى وما هو كائن بعدكم وكان الرجل يهودياً، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وخبَره فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم - رواه الإمام أحمد في المسند3/88
الوحش يوقر الرسول صلى الله عليه وسلم:
قالت عائشة رضي الله عنها: كان لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحش فإذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعب واشتد وأقبل وأدبر، فإذا أحس برسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل ربض فلم يترمرم (أي سكن ولم يتحرك) ما دام رسول اله صلى الله عليه وسلم في البيت كراهية أن يؤذيه - صحيح، أخرجه أحمد، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد.
وافد الذئاب يرضى بأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم:
عن حمزة بن أبي أسيد قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار بالبقيع، فإذا الذئب مفترشًا ذراعيه على الطريق
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا جاء يستفرض فافرضوا له
قالوا: ترى رأيك يا رسول الله
قال: من كل سائمة شاة في كل عام
قالوا: كثير
قال: فأشار إلى الذئب أن خالسهم فانطلق الذئب. حسن بشواهده - أخرجه البيهقي في الدلائل، ورواه البزار وأبو نعيم.
ورضي الذئب بأن يأخذ منهم الشياة خلسة كما عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إجابة دعائه صلى الله عليه وسلم
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفه ربه عز وجل:
{بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}....
سورة التوبة آية 128.
فكان ينظر إلى أصحابه نظرة الرحمة والشفقة فكلما ألم بأصحابه مكروه من عاهة أو مرض أو تفكير في أمر يشغل بالهم أسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء لهم للتخفيف عنهم ولكي ينالوا بركة دعوته صلى الله عليه وسلم أما بالنسبة للكفار والمشركين والمعاندين فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو عليهم حيث تشتد شوكتهم ويكثر أذاهم وتارة كان يدعو لهم حيث تؤمن غائلتهم ويرجى تآلفهم.
وإذا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأناس أو دعا عليهم فإنك تجد ما دعا به قد تحقق قطعًا وهذه بعض الأمثلة من دعواته المستجابة صلى الله عليه وسلم.
سرعة الإجابة
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلاً دخل المسجد يوم جمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا ثم قال: يا رسول الله هلكت الأموال (المراد هنا المواشي خصوصًا الإبل وهلاكها من قلة الأقوات بسبب عدم المطر والنبات) وانقطعت السبل (أي انقطعت الطرق فلم تسلكها الإبل إما لخوف الهلاك أو الضعف بسبب قلة الكلأ أو عدمه) فادع الله يغثنا قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا.
قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة (القطعة من الغيم) وما بيننا وبين سلع (جبل قرب المدينة) من بيت ولا دار قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس (هو ما يتقي به السيف ووجه الشبه الاستدارة والكثافة لا القدر) فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت.
قال: فلا والله ما رأينا الشمس سبتًا
قال: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائمًا فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها عنا
قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم حولنا ولا علينا اللهم على الآكام (جمع أكمة وهي الرابية المرتفعة من الأرض) والظراب (جمع ظرب وهي صغار الجبال والتلال) ومنابت الشجر فانقلعت وخرجنا نمشي في الشمس - رواه البخاري ومسلم.
يمهل ولا يهمل
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس وقد نحرت جزور (أي ناقة) بالأمس فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا (هو اللفافة التي يكون فيها الولد في بطن الناقة وسائر الحيوان وهي من الآدمية المشيمة) جزور بني فلان فيأخذه فيضل في كتفي محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم (وهو عقبة بن أبي معيط).
فأخذه فلما سجد النبي صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه قال: فاستضحكوا (أي حملوا أنفسهم على الضحك والسخرية) وجعل بعضهم يميل على بعض وأنا قائم أنظر لو كانت لي منعة (أي لو كان لي قوة تمنع أذاهم أو كان لي عشيرة بمكة تمنعني) طرحته عن ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم ساجد ما يرفع رأسه حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة.
فجاءت وهي جويرية (تصغير جارية بمعنى شابة أي أنها إذ ذاك ليست بكبيرة) فطرحته عنه ثم أقبلت عليهم تشتمهم فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم وكان إذا دعا دعا ثلاثًا وإذا سأل سأل ثلاثًا ثم قال: اللهم عليك بقريش (ثلاث مرات) فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك وخافوا دعوته ثم قال: اللهم عليك بأبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عقبة (اتفق العلماء على أنه غلط وصوابه: الوليد بن عتبة) وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وذكر السابع فلم أحفظه فوالذي بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق لقد رأيت الذين سمى صرعى يوم بدر ثم سحبوا إلى القليب (القليب هي البئر التي لم تطو وإنما وضعوا في القليب تحقيرًا لهم ولئلا يتأذى الناس برائحتهم) قليب بدر قال أبو إسحاق: الوليد بن عقبة غلط في هذا الحديث - رواه مسلم.
دعوة وهداية
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة فدعوتها يومًا فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي قلت: يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي فدعونها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم أهد أم أبي هريرة.
فخرجت مستبشرًا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم فلما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف (أي مغلق) فسمعت أمي خشف (أي صوتهما في الأرض) قدمي فقال: مكانك يا أبا هريرة وسمعت خضخضة الماء (أي صوت تحريكه).
قال: فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من الفرح قال قلت: يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرًا
قال قلت: يا رسول الله ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا.
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم حبب عبيدك هذا يعني أبا هريرة وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني - رواه مسلم