رمضان في الهند
فور ثبوت شهر رمضان في المناطق المسلمة في الهند تعم الفرحة جميع المسلمين، ويتبادلون عبارات التهاني والفرح, وتكتسي الشوارع في الأحياء المسلمة حلة جديدة، حيث تضاءالمساجد ومآذنها، وتكثر حلقات تلاوة القرآن، وتمتلئ المساجد بالمصلين، ويبدأ الأطفال بالتجول في الأحياء الشعبية فرحين مسرورين بما أنعم الله عليهم من خيرات هذا الشهر، وهم ينشدون الأناشيد الدينية بلغتهم المحلية، ثم يسرع الجميع لأداء صلاة التراويح من أول ليلة في رمضان, ويجتهد كل مسلم هناك في قراءة ختمة واحدة على الأقل في شهر رمضان, وتهتم المساجد في الهند بتنظيم الدروس الدينية والمحاضرات التي يقدّمها دعاة يحضرون منشتى بقاع الدولة.
مائدة رمضان في الهند
تمتاز المائدة الهندية بأكلات خاصة عند الإفطار والسحور حيث يتناولون "الغنجي" وهي شوربة اعتادوا على شربها, لما تمنحه للصائم من قوة وتذهب الظمأ، فهي تصنع من ( دقيق الأرز وقليل من اللحم وبعض البهارات وتطبخ في الماء) فيتناولونها في الإفطار ويبعثون ببعضها للمساجد, إضافة إلى اهتمامهم بأكل الفواكه بأنواعها في هذا الشهر الفضيل, سواء التمر أو البرتقال أو العنب و... غيرها الكثير. وكذلك شراب "الهرير" الذي يعد مشروبهم المفضل في هذه الأيام عند الإفطار ولا يتطلب عمله سوى ( طبخه بالحليب والسكر واللوز).
ومن عادات المسلمين هناك توزيع الحلوى والمرطبات على المصلين عقب الانتهاء من صلاة التراويح.
استعدادات خاصة بشهر رمضان:
يستعد المسلمون في الهند لاستقبال شهر رمضان الكريم من أواخر شهر شعبان حيث يقومون بتحضير المستلزمات الرمضانية, وتبدأ الزيارات الأسرية, هذا بالإضافة إلى أن المطاعم التي يملكها مسلمون تغلق أبوابها طيلة فترة النهار أيام الشهر الفضيل, وأغلب المسلمين في الهند يحافظون
على لبس ( الطاقية) خصوصًا في هذا الشهر.
وفي الهند ليس هناك إجازة رسمية أو تعديل في المواعيد الرسمية سواء العمل أو الدراسة خلال الشهر، أما عيدا الفطر والأضحى ففيهما إجازة عامة على مستوى البلاد, كما يراعى أن تبتعد مواسم الامتحانات العامة
والانتخابات عن شهر رمضان والأعياد.
عادات الشهر الكريم في الهند:
يقدس المسلمون عامة في الهند هذا الشهر، ويعتبرون كل ما يخل بحرمة هذا الشهر أمر منكر ومرفوض ، أما غير المسلمين فأكثرهم يقيمون حرمة لهذا الشهر،
ويراعون مشاعر المسلمين فيه،
فيباركون لهم بقدوم هذا الشهر الكريم،
ويشاركونهم موائدة الإفطار.
ويهتم المسلمون في رمضان أكثر من غيره بكل أنواع العبادات فالمساجد تكتظ بالمسلمين في أوقات صلاة الجماعة, وأغلب المساجد يكون فيها درس أو محاضرة بعد صلاة الظهر أو بعد صلاة التراويح, فيما يختار كثير من المسلمين هذا الشهر موعداً لأداء الزكاة ويكثرون الصدقات فيه,
وأغلبهم يوزّع زكاته بنفسه.
كما ينظّم المحسنون -وخاصة في المدن- إفطاراً جماعياً في المساجد وأحياناً في القاعات, ويستفيد منه المسافرون والمعسرون ومَن لا يتأتى لهم الوصول إلى منازلهم من الموظفين وغيرهم، وهذه الظاهرة تعبّر عن روح التكافل والإخاءبين المسلمين في الهند.
ويجتمع كل جماعة في المسجد الذي في حيِّهم على طعام الإفطار، حيث يُحْضِرُ كل واحد منهم ما تيسر له من الطعام والشراب والفواكه، ويشترك الجميع في تناول طعام الإفطار على تلك المائدة. ومن المناظر المألوفة هنا أن ترى الصغار والكبار قبيل أذان المغرب بقليل وقد حملوا في أيديهم أو على رؤسهم الصحون والأطباق متجهين بها نحو
المساجد بانتظار وقت الإفطار.
ومن العادات الجميلة في الهند توزيع
الحلوى في آخر يوم في رمضان
في المساجد وبين الناس.
تسمى الجمعة الأخيرة من رمضان بـ "جمعة الوداع" ويعتبر المسلمون هناك هذه الجمعة مناسبة عظيمة للاجتماع والالتقاء , فتشهد المساجد حشوداً غفيرة من المسلمين؛ ولأجل هذا الاجتماع تغسل الشوارع والساحات المجاورة للمساجد يوم الخميس الأخير من رمضان، كما ويُمنع مرور الناس في تلك الشوارع والساحات المحيطة بالمساجد، ويبقى هذا الحظر ساري المفعول إلى وقت الانتهاء من صلاة الجمعة.
المسلمون في الهند:
دخل الإسلام بلاد الهند قبل نحو 11 قرنا, أي في حوالي القرن الـ13 الميلادي, وقد استمر المسلمون في حكم الهند لمدة تقارب الـ 800 عام انتهت ببدء الاستعمار البريطاني للبلاد، وقد خلف المسلمون في الهند تراثا علميا وفكريا ومعماريا بارزا أثر في الحضارة الهندية عامة.
يبلغ تعداد المسلمين في الهند حاليا نحو 150 مليون نسمة أي ما يعادل أكثر من 10% من إجمالي تعداد السكان-الذي يفوق المليار نسمة أو يزيد، وللمسلمين في الهند قوانين خاصة بهم أقرها الدستور الهندي في القضايا الاجتماعية والشخصية مثل الزواج والميراث وما يتعلق بها.