البناء على اليقين أصل كبير في الدين
السؤال: أرجو شرح الحديث " لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا "
الجواب:هذا حديث صحيح وقاعدة من قواعد الشرع، وهي البناء على اليقين وعدم الالتفات الى الشكوك والأوهام ، فإن الانسان إذا تيقن الطهارة بقي عليها حتى يتيقن الحدث فلا يلتفت للاوهـام والوساوس التي يلقيها الشيطـان ليشوش عليه حتي يمل من العبـادة ويستثقلهـا، فإذا أحـس في بطنه بالقـلاقل والحركـة وهو في الصلاة فلا ينصرف حتى يتيقن خروج الحدث بسماع الصوت أو الإحساس بالريح .
الشيخ ابن جبرين
67-توضأ مرة واحدة ولا تطع الشيطان
السؤال: قبل كل وضوء أحاول استخراج كل ما قد يكون بذَكري من بول ، وذلك بالجلوس عدة مرات وبرفع رجلي تباعًا إلى أعلى فوق المغسل الذي أتوضأ منه ، وكثيرًا ما أعيد الوضوء مرتين أو ثلاثاً ، عندما أشعر أن هناك بعض نقط البول بصدد الخروج بعد إتمام الوضوء ، وفي بعض الأحيان يثبت أن ذلك وهم, وكثيراً مايكون الحقيقة حتى أصبت بالوسواسة, خاصة وأن إعادة الوضوء مرتين أو ثلاثاً وقضاء وقت في الأستجمام البول فيه مشقة؟ فكيف أصنع خاصة في الشتاء والماء البارد لا احتمله بل أسخنه لأتوضأ به؟
الجواب:لا شك أن أكثر هذه الأشياء أوهام ووساوس شيطان يلقيها في قلوب بعض الناس حتى تثقل العبادة عليهم ، فيملوا ويتركوها ، فننصحك ألا تلتفت إليها ، وعليك أن تتوضأ مرة واحدة ولا تكرر ولا تطل الجلوس على موضع التبول ، ولا تتعب نفسك في استخراج بقايا البول فإنه بمنزلة اللبن في الضرع إن حُلب درّ وإن تُرك قَرّ ، فإن تحققت الخروج يقيناً فعليك إعادة الوضوء ولا يلزمك التفتيش ولا اللمس ، فإن قُدّر الخروج باستمرار وعدم انقطاع فهو سلس بول عليك أن تتوضأ بعد دخول الوقت مرة واحدة ، ولا يضرك خروجه بعد الوضوء . لكن الغالب أن ذلك وهو لا حقيقة له فلا تلتفت إليه . والله الشافي .
الشيخ ابن جبرين
68-وساوس شيطانية
السؤال: أشعر أحياناً خلال الوضوء أن وضوئي ينتقض، وكذلك في الصلاة، ولا أدري هل هذا حقيقة أم وسواس؟ حتى أنني كثير الإعادة للصلاة والوضوء مما جعلني أحياناً لا أدرك صلاة الجماعة وأفكر كثيراً في الصلاة.
الجواب: هذه الوساوس من الشيطان، والواجب عليك اطراحها، وعدم الالتفات إليها، وإكمال وضوئك وصلاتك؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شكي إليه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام: ((لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) متفق عليه، وفي صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً))، بهذين الحديثين وما جاء في معناهما من الأحاديث يعلم كل مؤمن ومؤمنة أنه لا ينبغي له الانصراف من صلاته ولا من وضوئه بما يحصل من الوساوس، بل يشرع له الإعراض عنها، حتى يعلم يقيناً أنه خرج منه شيء، وحتى يعلم يقيناً في موضوع الوضوء أنه قد انتقض وضوءه، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
69-الحناء لا ينقض الوضوء
السؤال: امرأة توضأت ثم وضعت الحناء فوق رأسها - حنت شعر رأسها - وقامت لصلاتها هل تصح صلاتها أم لا؟ وإذا انتقض وضوءها فهل تمسح فوق الحناء أو تغسل شعرها ثم تتوضأ الوضوء الأصغر للصلاة؟
الجواب: وضع الحناء على الرأس لا ينقض الطهارة، إذا كانت قد فرغت منها، ولا حرج من أن تمسح على رأسها، وإن كان عليه حناء أو نحوه من الضمادات التي تحتاجها المرأة، فلا بأس بالمسح عليه في الطهارة الصغرى، أما الطهارة الكبرى فلا بد أن تفيض عليه الماء ثلاث مرات، ولا يكفي المسح؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: ((يا رسول الله إني أشد شعر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة والحيض؟ قال: لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليه الماء فتطهرين))، وإن نقضته في الحيض وغسلته كان أفضل؛ لأحاديث أخرى وردت في ذلك، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
70-قرءة القرآن بغير وضوء
السؤال: هل يجوز قراءة القرآن بدون وضوء؟ ومن هم المطّهرون؟[1]
الجواب: تجوز قراءة القرآن بدون وضوء، إذا كان لا يمس المصحف، بل يقرأ عن ظهر قلب، أما مس المصحف فلا يجوز إلا على طهارة، والمطهرون المذكورون في قوله تعالى: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}[2] هم: المتطهرون من الحدث الأكبر والأصغر في قول بعض العلماء، والصحيح أن المراد بهم الملائكة، وأما الجنب فلا يقرأ شيئاً من القرآن لا حفظاً ولا من المصحف؛ لما ثبت عن علي رضي الله عنه أنه قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجزه شيء عن القرآن سوى الجنابة))[3].
الشيخ ابن باز
71-تدريس القرآن هل تشترط فيه الطهارة؟
السؤال: هل المدرس الذي يدرس تلاميذه القرآن من المصحف الشريف يجب عليه أن يكون طاهراً أم لا يشترط طهارته؟[1]
الجواب: المدرس وغيره في هذا الباب سواء، ليس له أن يمس المصحف وهو على غير طهارة عند جمهور أهل العلم، ومنهم الأئمة الأربعة رحمة الله عليهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن حزم: ((لا يمس القرآن إلا طاهر))[2] وهو حديث جيد الإسناد ورواه أبو داود وغيره متصلاً ومرسلاً، وله طرق تدل على صحته واتصاله. وبذلك أفتى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم.
الشيخ ابن باز
72-الجنب لا يقرأ القرآن
السؤال: هل الجنب يقرا كتاب الله غيبا ، وإذا لم يجز ذلك فهل يستمع له ؟
الجواب: الجنب لا يجوز له قراءة القرآن ، لا من المصحف ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل؛ لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة .
الشيخ ابن باز
73-موجبات الغسل
السؤال: ما هي موجبات الغسل؟
الجواب: موجبات الغسل منها:
الأول: إنزال المني بشهوة يقظة أو مناماً، لكنه في المنام يجب عليه الغسل، وإن لم يحس بالشهوة، لأن النائم قد يحتلم ولا يحس بنفسه، فإذا خرج منه المني بشهوة وجب عليه الغسل بكل حال.
الثاني: الجماع، فإذا جامع الرجل زوجته، وجب عليه الغسل بأن يولج الحشفة في فرجها، فإذا أولج في فرجها الحشفة أو ما زاد، فعليه الغسل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الأول: "الماء من الماء" يعني أن الغسل يجب من الإنزال، وقوله عن الثاني: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل" وإن لم ينزل، وهذه المسألة -أعني الجماع بدون إنزال- يخفى حكمها على كثير من الناس، حتى إن بعض الناس تمضي عليه الأسابيع والشهور وهو يجامع زوجته بدون إنزال ولا يغتسل جهلاً منه، وهذا أمر له خطورته، فالواجب أن يعلم الإنسان حدود ما أنزل الله على رسوله، فإن الإنسان إذا جامع زوجته وإن لم ينزل وجب عليه الغسل وعليها، للحديث الذي ذكرناه آنفاً.
الثالث: من موجبات الغسل خروج دم الحيض والنفاس، فإن المرأة إذا حاضت ثم طهرت، وجب عليها الغسل لقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة إذا جلست قدر حيضها أن تغتسل، والنفساء مثلها، فيجب عليها أن تغتسل.
وصفة الغسل من الحيض والنفاس كصفة الغسل من الجنابة، إلا أن بعض أهل العلم استحب في غسل الحائض أن تغتسل بالسدر، لأن ذلك أبلغ في النظافة لها وتطهيرها.
وذكر بعض العلماء أيضاً من موجبات الغسل الموت، مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي يغسلن ابنته: "اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك"، وبقوله صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي وقصته راحلته بعرفة وهو محرم: "اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه"، فقالوا: إن الموت موجب للغسل، لكن الوجوب هنا يتعلق بالحي لأن الميت انقطع تكليفه بموته، ولكن على الأحياء أن يغسلوا موتاهم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
الشيخ ابن عثيمين
74-متى يجب الغسل على المحتلم؟
السؤال: شخص يعتقد أن الموجب للغسل في الاحتلام هو خروج المني إذا رأى النائم صريح الوطء ، وأنه كان لا يغتسل إلا إذا رأى ذلك منه في النوم . فإذا خرج منه المني ولم ير صريح فعل الوطء منه في النوم لم يغتسل ، وأنه مضى عليه قرابة ثمانية أعوام وهو على هذا ، ويسأل عن حكم صلاته لهذه الأعوام الماضية .
الجواب: وبعد دراسة اللجنة الدائمة للاستفتاء أجابت بما يلي :
لا يخفى أن الغسل يجب بخروج المني دفقا بلذة في اليقظة ، وبوجوده مطلقا في حال النوم ؛ لما روى الإمام أحمد عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صحيح البخاري الوضوء (178) ، صحيح مسلم كتاب الحيض (303) ، سنن الترمذي الطهارة (114) ، سنن النسائي الطهارة (193) ، سنن أبو داود الطهارة (206) ، سنن ابن ماجه كتاب الطهارة وسننها (505) ، مسند أحمد بن حنبل (1/109) ، موطأ مالك الطهارة (86). إذا فضخت الماء فاغتسل ، وإن لم تكن فاضخا فلا تغتسل ، والفضح هو خروجه بالغلبة .
ولما في الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها صحيح البخاري العلم (130) ، صحيح مسلم الحيض (313) ، سنن الترمذي الطهارة (122) ، سنن النسائي الطهارة (197) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (600) ، مسند أحمد بن حنبل (6/292) ، موطأ مالك الطهارة (118). أن أم سليم رضي الله عنها قالت : يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق ، هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال : نعم إذا رأت الماء ، ولا يتقيد وجوب الغسل بالوطء ، وإنما يجب بخروج المني ولو لم يحصل الوطء ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الوضوء (178) ، صحيح مسلم كتاب الحيض (303) ، سنن الترمذي الطهارة (114) ، سنن النسائي الطهارة (193) ، سنن أبو داود الطهارة (206) ، سنن ابن ماجه كتاب الطهارة وسننها (505) ، مسند أحمد بن حنبل (1/109) ، موطأ مالك الطهارة (86). إذا فضخت الماء فاغتسل أما إذا التقى الختانان في حال اليقظة ، فيجب الغسل مطلقا سواء أنزل أم لا ، وعليه فإن على هذا السائل أن يعيد صلواته طيلة المدة الطويلة التي كان لا يغتسل إذا خرج المني منه بدون رؤية صريح الوطء في النوم بقدر الاستطاعة ، وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الغسل بالمداعبة
السؤال: هل يجب الغسل بالمداعبة أو التقبيل؟
الجواب: لا يجب على الرجل ولا على المرأة غسل بمجرد الاستمتاع بالمداعبة أو التقبيل إلا إذا حصل إنزال المني، فإنه يجب الغسل على الجميع إذا كان المني قد خرج من الجميع، فإن خرج من أحدهما فقط وجب عليه الغسل وحده، وهذا إذا كان الأمر مجرد مداعبة أو تقبيل أو ضم.
أما إذا كان جماعاً فإن الجماع فيه الغسل على كل حال، على الرجل وعلى المرأة حتى وإن لم يحصل إنزال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل"، وفي لفظ لمسلم: "وإن لم ينزل".
وهذه المسألة قد تخفى على كثير من النساء، تظن المرأة بل وربما يظن الرجل أن الجماع إذا لم يكن معه إنزال فلا غسل فيه، وهذا جهل عظيم، فالجماع يجب فيه الغسل على كل حال، وما عدا الجماع من الاستمتاع لا يجب فيه الغسل إلا إذا حصل الإنزال.
الشيخ ابن عثيمين
76-يضرها غسل رأسها من الجنابة والحيض فهل يجزيها المسح؟
السؤال: أنا سيدة متزوجة ومريضة بحساسية في الصدر، وعندي نزلة طوال العام، فكيف أصلي؟ هل أغتسل وبدون غسل الرأس ومسحه فقط؟ علماً بأنني أصاب بالنزلة عند غسل الرأس مرات في الأسبوع، وكثيراً ما أترك الصلاة؛ لعدم قدرتي على غسل الرأس ومسحه فقط، ومترددة وقلقة ومنزعجة جداً، رغم أنني أعرف أن الدين يسر، فأرجو إفادتي بالإجابة القاطعة حتى أستطيع أن أعيش في أمان وأؤدي فرضي كاملاً، علماً بأنني مدرسة ويومياً أخرج للعمل فأصاب بالهواء الذي يلزمني السرير عادة فأنا مريضة، والله يعلم فأنا حائرة بين ممارسة حياتي الزوجية، وهي طاعة الزوج، وفوق ذلك طاعة الله.
الجواب:إذا كان يضرك غسل الرأس من الجنابة والحيض كفاك مسحه؛ لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[1]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم))
الشيخ ابن باز
77-هل يجب علينا الوضوء والغسل ونحن في البر
السؤال: يقول السائل : إننا بدو في البر ، والماء يبعد عنا خمسين كيلو مترًا ، ونحن نجلب الماء لأهلنا على السيارات ونسقي الإبل والغنم ، فهل يجب علينا الوضوء والغسل من الجنابة ، وبعض البيوت فيه عشرة أفراد ، والبعض أكثر من ذلك ، أم يجوز لنا التيمم ؟
الجواب:
شرع الله الوضوء والغسل في حالة وجود الماء ، وشرع التيمم عند فقد الماء أو تعذّر استعماله لمرض أو نحوه ، فقال تعالى :
** يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ } .
( سورة المائدة ، الآية : 6 ) .
وحيث أن السائل ذكر أنهم يأتون بالماء لسقي الإبل والغنم فهم واجدون للماء ، فيلزمهم الوضوء والغسل . وكونهم في البر وأن الماء يبعد عنهم خمسين كيلو مترًا فهذا لا يكون عذرًا مبيحاً للتيمم ما داموا يأتون بالماء على السيارت للإبل والغنم . والله أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
78-أذكر احتلاماً ولا اجد أثراً
السؤال: في بعض الأحيان أذكر احتلاماً بعدما أصحو من النوم، ولكن لا أرى أي أثر لذلك الاحتلام، هل يجب علي الغسل أم لا؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.
الجواب:
لا يجب الغسل على من رأى احتلاماً إلا إذا وجد الماء، وهو: المني؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الماء من الماء"، ومعناه: أن ماء الغسل يكون من ماء المني، وهذا عند أهل العلم في حق المحتلم.
أما إن جامع زوجته فإن عليه الغسل، وإن لم يخرج منه الماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل" (رواه مسلم في صحيحه)، وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل" (متفق على صحته)، زاد مسلم في صحيحه: "وإن لم ينزل".
وفي الصحيحين، عن أنس رضي الله عنه: "نعم إذا هي رأت الماء".
وهذا الحكم يعم الرجال والنساء عند جميع أهل العلم، ويدخل في هذا المعنى: من أنزل المني عن شهوة؛ لتفكير أو ملامسة، فإنه يجب عليه الغسل، كالمحتلم إذا أنزل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "الماء من الماء"، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
79-أجنب في سفر ولم يجد ماء
السؤال: رجل بطريق طويل ، وحدثت عليه الجنابة أثناء الطريق ، ولم يوجد لديه ماء يغتسل به فهل يجوز له أن يصلي وهو نجس ، أم كيف يفعل ؟
الجواب:
من أجنب في سفر ولا ماء معه يغتسل منه فاضلاً عن حاجته للشرب والأكل، وبحث عن ماءٍ حتى بلغ على ظنه عدم وجوده في الجهة التي هو فيها ، فمن كان كذلك فإنه يتيمم ويصلي لقوله تعالى :
** وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } .
اللجنة الدائمة
80-خروج المني بعد الغسل
السؤال: رجل خرج منه المني بعد الاغتسال، هل يعيد الاغتسال؟ علماً بأن المني بقية المني الذي قبل الاغتسال.
الجواب
ليس عليه إعادة الغسل، وإنما عليه إعادة الاستنجاء والوضوء؛ لأن خروج المني بدون شهوة مصاحبة لخروجه لا يوجب الغسل، وإنما يوجب الاستنجاء والوضوء كالبول، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
81-الفرق بين المني و المذي و الودي
السؤال: ما الفرق بين المني والمذي والودي؟
الجواب:
الفرق بين المني والمذي، أن المني غليظ له رائحة، ويخرج دفقاً عند اشتداد الشهوة.
وأما المذي فهو ماء رقيق وليس له رائحة المني، ويخرج بدون دفق ولا يخرج أيضاً عند اشتداد الشهوة بل عند فتورها. فإذا فترت تبين للإنسان.
أما الودي فإنه عصارة تخرج بعد البول: نقط بيضاء في آخر البول.
هذا بالنسبة لماهية هذه الأشياء الثلاثة.
أما بالنسبة لأحكامها: فإن الودي له أحكام البول من كل وجه.
والمذي يختلف عن البول بعض الشيء في التطهر منه، لأن نجاسته أخف فيكفي فيه النضح، وهو أن يعم المحل الذي أصابه بالماء بدون عصر وبدون فرك، وكذلك يجب فيه غسل الذكر كله والأنثيين وإن لم يصبهما.
أما المني فإنه طاهر لا يلزم غسل ما أصابه إلا على سبيل إزالة الأثر فقط، وهو موجب للغسل، وأما المذي والودي والبول فكلها توجب الوضوء فقط.
الشيخ ابن عثيمين
82-من وجد بللاً هل عليه غسل؟
السؤال: إذا استيقظ الإنسان فوجد في ملابسه بللاً فهل يجب عليه الغسل؟
الجواب:
إذا استيقظ الإنسان فوجد بللاً، فلا يخلو من ثلاث حالات:
الحال الأولى: أن يتيقن أنه مني، فيجب عليه حينئذ
الاغتسال سواء ذكر احتلاماً أم لم يذكر.
الحال الثانية: أن يتيقن أنه ليس بمني، فلا يجب عليه الغسل في هذه الحال، ولكن يجب عليه أن يغسل ما أصابه، لأن حكمه حكم البول.
الحال الثالثة: أن يجهل هل هو مني أم لا؟ ففيه تفصيل:
أولا: إن ذكر أنه احتلم في منامه، فإنه يجعله منياً ويغتسل، لحديث أم سلمة رضي الله عنها حين سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، هل عليها غسل؟ قال: "نعم، إذا هي رأت الماء"، فدل هذا على وجوب الغسل على من احتلم ووجد الماء.
ثانياً: إذا لم ير شيئاً في منامه، فإن كان قد سبق نومه تفكير في الجماع جعله مذياً.
وإن لم يسبق نومه تفكير فهذا محل خلاف:
قيل: يجب عليه الغسل احتياطاً.
وقيل: لا يجب وهو الصحيح لأن الأصل براءة الذمة.
الشيخ ابن عثيمين
83-خروج المني أثناء النوم
السؤال: هل خروج المني أثناء النوم يوجب الغسل ؟ ماهي الأشياء التي توجب الغسل ؟
الجواب:نعم يلزم الغسل مَن خرج منه المني في النوم حتى ولو لم يذكر احتلامًا ، ولا يلزم الغسل من احتلم ولم ينزل . يجب الغسل بخروج المني في النوم ولا يجب بخروجه في اليقظة يسيل سيلانًا كالبول ولا لذة معه ، فإن خرج دفقاً ومعه لذة وجب فيه الغسل ، ويلزم الغسل بالجماع ولو لم يحصل الإنزال إذا حصل التقاء الختانين .
الشيخ ابن جبرين
84-كيف يغتسل من به جرح؟
السؤال: أنا فتاة أصبت في يدي قريبًا من الكتف وأجريت لي عملية جراحية ، ومنعني الطبيب من الاغتسال حتى لا يصاب الجرح بالغرغرينة ، لكن بعد فترة انتهيت من الحيض وأردت الاغتسال . فاحترت في أمري . فما ذا أفعل ؟ هل أغسل جسدي بدون هذا الموضع لأنني علمت أنه لا يتم التطهر إلا بغسل كل الأعضاء مع العلم أن حجب الماء عن هذا المكان صعب؟
الجواب:يلزمك في الاغتسال من الحيض ونحوه غسل ما تستطيعين غسله من جسدك . فأما الجرح وما حوله فضعي عليه لصقة ونحوها واغسلي ما سواه .فإن شق ذلك فاغسلي ما تحته بطريقة الا غتراف وأكملي غسل بقية الجسد الذي لاألم فيه .
الشيخ ابن جبرين
85-أحكام الجنابة
السؤال: ما هي الأحكام المتعلقة بالجنابة؟
الجواب: الأحكام المتعلقة بالجنابة هي:
أولا: أن الجنب تحرم عليه الصلاة، فرضها ونفلها، حتى صلاة الجنازة، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} إلى قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا}.
ثانيا: أن الجنب يحرم عليه الطواف بالبيت، لأن الطواف بالبيت مُكث في المسجد، وقد قال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى
تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا}.
ثالثا: أنه يحرم عليه مس المصحف، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يمس القرآن إلا طاهر".
رابعاً: أنه يحرم عليه المُكث في المسجد إلا بوضوء لقوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى
حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا}.
خامساً: يحرم عليه قراءة القرآن حتى يغتسل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُقرئ الصحابة القرآن ما لم يكونوا جنباً.
هذه الأحكام الخمسة التي تتعلق بمن عليه جنابة.
الشيخ ابن عثيمين
86-صفة الغسل
السؤال: ما هي صفة الغسل؟
الجواب:
صفة الغسل على وجهين:
الوجه الأول: صفة واجبة، وهي أن يعم بدنه كله بالماء، ومن ذلك المضمضة والاستنشاق، فإذا عمم بدنه على أي وجه كان فقد ارتفع عنه الحدث الأكبر وتمت طهارته، لقول الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا}.
الوجه الثاني: صفة كاملة وهي أن يغتسل كما اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أراد أن يغتسل من الجنابة فإنه يغسل كفيه، ثم يغسل فرجه وما تلوث من الجنابة، ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً -على صفة ما ذكرناه في الوضوء- ثم يغسل بالماء ثلاثاً تروية ثم يغسل بقية بدنه. هذه صفة الغسل الكامل.
الشيخ ابن عثيمين
87-الغسل تحت الدش يجزئ
السؤال: أحب أن أعرف وبصورة مبسطة وسهلة عن طريقة الغسل من الجنابة .. فلقد سمعت عن عدة طرق فأرجو التوضيح .. وهل الغسل تحت الدش يجزئ أم لا ؟
الجواب:
صفة الغسل الكامل أن ينوي ثم يسمي ويغسل كفيه ثلاثًا ثم يغسل فرجه وما على بدنه من أثر المني ، ثم يتوضأ وضوءًا كاملاً ، ثم يبدأ في الغسل فيغسل رأسه ثلاثًا ويبالغ في غسل أصول الشعر ، ثم يغسل بقية جسده فيبدأ بشقه الأيمن ثم الأيسر ويدلّكه . ويُمرِّر يده على ما استطاع من جسده . ويجزئه الغسل تحت الدش وتعميم جسده بالماء لو مرة واحدة .
الشيخ ابن جبرين
88-تعذر استعمال الماء
السؤال: إذا تعذر استعمال الماء، فبماذا تحصل الطهارة؟
الجواب:
إذا تعذر استعمال الماء، لعدمه أو التضرر باستعماله، فإنه يعدل عن ذلك إلى التيمم، بأن يضرب الإنسان بيديه على الأرض ثم يمسح بهما وجهه ويمسح بعضها ببعض، لكن هذا خاص بالطهارة من الحدث.
أما طهارة الخبث فليس فيها تيمم، سواء كانت على البدن أو على الثوب أو على البقعة، لأن المقصود من التطهر من الخبث إزالة هذه العين الخبيثة، وليس التعبد فيها شرطاً، ولهذا لو زالت هذه العين الخبيثة بغير قصد من الإنسان طهر المحل، فلو نزل المطر على مكان نجس أو على ثوب نجس وزالت النجاسة بما نزل من المطر، فإن المحل يطهر بذلك، وإن كان الإنسان ليس عنده علم بهذا، بخلاف طهارة الحدث فإنها عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله عز وجل، فلابد فيها من النية والقصد.
الشيخ ابن عثيمين
89-تيمم الجنب حال البرد
السؤال: من أصبح جنباً في وقت بارد فهل يتيمم؟
الجواب: إذا كان الإنسان جنباً فإن عليه أن يغتسل، لقول الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا}، فإن كانت الليلة باردة ولا يستطيع أن يغتسل بالماء البارد، فإنه يجب عليه أن يسخنه إذا كان يمكنه ذلك، فإن كان لا يمكنه أن يسخنه لعدم وجود ما يسخن به الماء، فإنه في هذه الحال يتيمم عن الجنابة ويصلي، لقول الله تعالى:
{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْجَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
الشيخ ابن عثيمين
90-غسل الجمعة سنة مؤكدة
السؤال: هل غسل الجمعة واجب أم مستحب؟
الجواب:
الغسل يوم الجمعة سنة مؤكدة؛ لما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها قوله صلى الله عليه وسلم:
((غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وأن يستاك ويتطيب))،
وقوله صلى الله عليه وسلم:
((من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام))
رواه مسلم في صحيحه، وفي لفظ له:
((من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصا فقد لغا))
مع أحاديث كثيرة في الباب.
وقوله صلى الله عليه وسلم:
((واجب على كل محتلم))
معناه عند أكثر أهل العلم متأكد، كما تقول العرب:
(العدة دين، وحقك عليَّ واجب)
ويدل على هذا المعنى اكتفاؤه صلى الله عليه وسلم بالوضوء في بعض الأحاديث. وهكذا الطيب، والاستياك، ولبس الحسن من الثياب، والتبكير إلى الجمعة، كله من السنن المرغب فيها، وليس شيء منها واجباً.
الشيخ ابن باز
91-الجنب يجوز له لمس الأشياء
السؤال: إذا وقع الجماع بين الزوج وزوجته بعد ذلك هل يجوز قبل غسلهما لمس أي شيء، وإذا حصل اللمس لأي شيء هل ينجس أم لا؟[1]
الجواب:
نعم يجوز للجنب قبل أن يغتسل لمس الأشياء من أثواب وأطباق وقدور ونحوها، سواء كان رجلاً أم امرأة؛ لأنه ليس بنجس ولا يتنجس ما لمسه منها بلمسه إياه.
الشيخ ابن باز
92-تأثير الشك في الطهارة
السؤال: مما يتعلق بالطهارة الشك فيها ، فما هو الشك في الطهارة ، ومتى يكون مؤثراً؟
الجواب: الشك في الطهارة نوعان :
أحدهما : شك في وجودها بعد تحقق الحدث.
والثاني : شك في زوالها بعد تحقق الطهارة
أما الأول : وهو الشك في وجودها بعد تحقق الحدث، فأن يشك الإنسان هل توضأ أم لم يتوضأ، وهو يعتقد أنه أحدث لكن يشك هل توضأ أم لا ، ففي هذه الحال نقول : ابن على الأصل ، وهو أنك لم تتوضأ، ويجب عليك الوضوء .
مثال ذلك : رجل شك عند أذان الظهر هل توضأ بعد نقض وضوئه في الضحى أم لم يتوضأ، يعني أنه نقض الوضوء في الساعة العاشرة مثلاً ، ثم عند أذان الظهر شك ، هل توضأ حين نقض وضوءه أم لا ، فنقول له : ابن على الأصل ، وهو أنك لم تتوضأ ، ويجب عليك أن تتوضأ.
أما النوع الثاني : وهو الشك في انتقاض الطهارة بعد وجودها ، فإننا نقول أيضاً: ابن على الأصل ، ولا تعتبر نفسك ناقضاً للوضوء.
مثاله: رجل توضأ في الساعة العاشرة ، فلما حان وقت الظهر شك ، هل انقض وضوءه أم لا ، فنقول له : إنك على وضوئك، ولا يلزمك الوضوء حينئذ، وذلك لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان عليه ، ويشهد لهذا الأصل قول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن وجد في بطنه شيئاً فأشكل عليه : أخرج منه شيء أم لا ؟ " لا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً"(64).
وأما الشك في فعل أو الشك في أجزاء الطهارة ، مثل أن يشك الإنسان هل غسل وجهه في وضوئه أم لا ، وهل غسل يديه أم لا ، وما أشبه ذلك ، فهذا لا يخلو من أحوال أربعة :
الحال الأولى : أن يكون مجرد وهم طرأ على قلبه أنه : هل غسل يديه أم لم يغسلهما ، وهماً ليس له مرجح ، ولا تساوى عنده الأمران ، بل هو مجرد شيء خطر في قلبه ، لهذا لا يهتم به ، ولا يلتفت إليه.
الحال الثانية : أن يكون كثير الشكوك ، كلما توضأ شك ، إذا كان الآن يغسل قدميه شك هل مسح رأسه أم لا؟ هل مسح أذنيه أم لا؟ هل غسل يديه أم لا؟ فهو كثير الشكوك ، هذا أيضاً لا يلتفت إلى الشك ولا يهتم به.
أما الحال الثالثة : أن يقع الشك بعد فراغه من الوضوء فإذا فرغ من وضوئه شك ، هل غسل يديه أم لا ؟ أو هل مسح رأسه، أو هل مسح أذنيه ، فهذا أيضاً لا يلتفت إليه ، إلا إذا تيقن أنه لم يغسل ذلك العضو المشكوك فيه ، فيبني على يقينه.
هذه ثلاث حالات لا يلتفت إليها في الشك. الحال الأولى : الوهم . الحال الثانية : أن يكون كثير الشكوك، الحال الثالثة: أن يكون الشك بعد الفراغ من العبادة، أي بعد فراغ الوضوء.
أما الحال الرابعة : فهي أن يكون الشك شكا حقيقياً، وليس كثير الشكوك ، وحصل قبل أن يفرغ من العبادة ، ففي هذه الحال يجب عليه أن يبني على اليقين وهو العدم ، أي أنه لم يغسل ذلك العضو الذي شك فيه ، فيرجع إليه ويغسله وما بعده، مثاله : لو شك وهو يمسح رأسه ، هل تمضمض واستنشق أم لا ، وهو ليس كثير الشكوك ، وهو شك حقيقي ليس وهماً ، نقول له الآن : ارجع فتمضمض واستنشق، ثم اغسل يديك، ثم امسح رأسك وإنما أوجبنا عليه غسل اليدين مع أنه غسلهما من أجل الترتيب لأن الترتيب بين أعضاء الوضوء واجب ، كما ذكر الله تعالى ذلك مرتباً ، وقال النبي عليه الصلاة والسلام حين أقبل على الصفا : " ابدأ بما بدأ الله به"(65)، هذا هو حال الشك في الطهارة .
الشيخ ابن عثيمين
93-أنواع النجاسات الحكمية و مفهومها
السؤال: ما هي النجاسات الحكمية من حيث المفهوم والأنواع؟
الجواب:
النجاسات الحكمية هي النجاسة الواردة على محل طاهر ، فهذه يجب علينا أن نغسلها ، وأن ننظف المحل الطاهر منها ، فيما إذا كان الأمر يقتضي الطهارة ، وكيفية تطهيرها، أو تطهير ما أصابته النجاسة تختلف بحسب الموضع، فإذا كانت النجاسة على الأرض ، فإنه يكتفي بصب الماء عليها بعد إزالة عينها إن كانت ذات جرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة حين بال الرجل في طائفة المسجد- أي في جانب منه قال لهم "دعوه ، وهريقوا على بوله سجلاً من ماء"(66)، فإذا كانت النجاسة على الأرض، فإن كانت ذات جرم أزلنا جرمها أولاً، ثم صببنا الماء عليها مرة واحدة ويكفي.
ثانياً: إذا كانت النجاسة على غير الأرض ، وهي نجاسة كلب ، فإنه لابد لتطهيرها من سبع غسلات، إحداها بالتراب،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
" إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً إحداهن بالتراب"(67).
ثالثاً : إذا كانت النجاسة على غير الأرض ، وليست نجاسة كلب، فإن القول الراجح أنها تطهر بزوالها على أي حال كان سواء زالت بأول غسلة ، أو بالغسلة الثانية، أو الثالثة، أو الرابعة ، أو الخامسة ، المهم متى زالت عين النجاسة فإنها تطهر ، لكن إذا كانت النجاسة بول غلام صغير لم يأكل الطعام، فإنه يكفي أن تغمر بالماء الذي يستوعب المحل النجس، وهو ما يعرف عند العلماء بالنضح، ولا يحتاج إلى غسل ودلك ، لأن نجاسة بول الغلام الصغير الذي لم يأكل الطعام نجاسة مخففة
التسمية في الوضوء
السؤال: هل التسمية في الوضوء واجبة؟
الجواب:
التسمية في الوضوء ليست بواجبة ولكنها سنة، وذلك لأن في ثبوت حديثها نظرًا. فقد قال الإمام أحمد رحمه الله: "إنه لا يثبت في هذا الباب شيء"والإمام أحمد كما هو معلوم لدى الجميع من أئمة هذا الشأن ومن حفّاظ هذا الشأن، فإذا قال إنه لم يثبت في هذا الباب شيء، فإن حديثها يبقى في النفس منه شيء، وإذا كان في ثبوته نظر، فإن الإنسان لا يسوغ لنفسه أن يلزم عباد الله بما لم يثبت عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك أرى أن التسمية في الوضوء سنة، لكن من ثبت عنده الحديث وجب عليه القول بموجبه، وهو أن التسمية واجبة، لأن قوله"لا وضوء"الصحيح أنه نفيٌ للصحة وليس نفيًا للكمال.
الشيخ ابن عثيمين
95-نزع الأسنان الصناعية
السؤال: إذا كان للإنسان أسنان صناعية فهل يجب عليه نزعها عند المضمضة؟
الجواب:
إذا كان على الإنسان أسنان مركبة، فالظاهر أنه لا يجب عليه أن يزيلها، وتشبه هذه الخاتم، والخاتم لا يجب نزعه عند الوضوء، بل الأفضل أن يحركه، لكن ليس على سبيل المثال الوجوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبسه، ولم ينقل أنه كان ينزعه عند الوضوء، وهو أظهر من كونه مانعاً من وصول الماء من هذه الأسنان، لاسيما أن بعض الناس تكون هذه التركيبة شاقّاً عليه نزعها ثم ردُّها.
الشيخ ابن عثيمين
96-الترتيب في الوضوء
السؤال: ما معنى الترتيب في الوضوء؟ وما المراد بالموالاة في الوضوء؟ وما حكمها؟ وهل يعذر الإنسان فيهما بالجهل والنسيان؟
الجواب:
الترتيب في الوضوء معناه أن تبدأ بما بدأ الله به، وقد بدأ الله بذكر غسل الوجه، ثم غسل اليدين، ثم مسح الرأس، ثم غسل الرجلين، ولم يذكر الله تعالى غسل الكفين قبل غسل الوجه، لأن غسل الكفين قبل غسل الوجه ليس واجباً بل هو سنة، هذا هو الترتيب أن تبدأ بأعضاء الوضوء مرتبة كما رتبها الله عزّ وجلّ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حج وخرج إلى المسعى بدأ بالصفا، فلما أقبل عليه قرأ:
{إن الصفا والمروة من شعائر الله}،
"أبدأ بما بدأ الله به"، فبين أنه إنما أتى إلى الصفا قبل المروة ابتداء بما بدأ الله به.
وأما الموالاة، فمعناها: أن لا يفرق بين أعضاء الوضوء بزمن يفصل بعضها عن بعض، مثال ذلك لو غسل وجهه، ثم أراد أن يغسل يديه ولكن تأخر، فإن الموالاة قد فاتت وحينئذ يجب عليه أن يعيد الوضوء من أوله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأي رجلاً قد توضأ، وفي قدمه مثل الظفر لم يصبه الماء، فقال: "ارجع فأحسن وضوءك"، وفي رواية أبي داود: "أمره أن يعيد الوضوء"، وهذا يدل على اشتراط الموالاة، ولأن الوضوء عبادة واحدة والعبادة الواحدة لا ينبني بعضها على بعض مع تفرق أجزائها.
فالصحيح: أن الترتيب والمولاة فرضان من فروض الوضوء.
وأما عذر الإنسان فيهما بالنسيان أو بالجهل فمحل نظر، فالمشهور عند فقهاء الحنابلة رحمهم الله أن الإنسان لا يُعذر فيهما بالجهل ولا بالنسيان، وأن الإنسان لو بدأ بغسل يديه قبل غسل وجهه ناسياً، لم يصح غسل يديه ولزمه إعادة الوضوء مع طول الزمن، أو إعادة غسل اليدين وما بعدهما إن قصر الزمن، ولا شك أن هذا القول أحوط وأبرأ للذمة، وأن الإنسان إذا فاته الترتيب ولو نسياناً، فإنه يعيد الوضوء، وكذلك إذا فاتته الموالاة ولو نسياناً، فإنه يعيد الوضوء.
الشيخ ابن عثيمين
97-حكم من نسي عضواً ولم يغسله
السؤال: إذا توضأ الإنسان ونسي عضواً من الأعضاء فما الحكم؟
الجواب:
إذا توضأ الإنسان ونسي عضواً من الأعضاء، فإن ذكر ذلك قريباً، فإنه يغسله وما بعده، مثال ذلك: شخص توضأ ونسي أن يغسل يده اليسرى فغسل يده اليمنى، ثم مسح رأسه وأذنيه، ثم غسل رجليه، ولما انتهى من غسل الرجلين، ذكر أنه لم يغسل اليد اليسرى، فنقول له: اغسل اليد اليسرى وامسح الرأس والأذنين وأغسل الرجلين، وإنما أوجبنا عليه إعادة مسح الرأس والأذنين وغسل الرجلين، لأجل الترتيب، فإن الوضوء يجب أن يكون مرتباً كما رتبه الله عزّ وجلّ فقال:
{فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق
وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين}.
وأما إن كان لم يذكر إلا بعدة مدة طويلة، فإنه يعيد الوضوء من أصلة، مثل أن يتوضأ شخص وينسى غسل يده اليسرى ثم ينتهي من وضوئه ويذهب حتي يمضي مدة طويلة، ثم ذكر أنه لم يغسل اليد اليسرى، فإنه يجب عليه أن يعيد الوضوء من أوله لفوات المولاة بين أعضاء الوضوء، شرط لصحته، ولكن ليعلم أنه لو كان ذلك شكّاً، يعني بعد أن انتهى من الوضوء شك هل غسل يده اليسرى أو اليمنى أو هل تمضمض أو استنشق فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك بل يستمر ويصلي ولا حرج عليه، وذلك لأن الشك في العبادات بعد الفراغ منها لا يعتبر، لأننا لو قلنا باعتباره لانفتح على الناس باب الوساوس وصار كل إنسان يشك في عبادته، فمن رحمة الله عز وجل أن ما كان من الشك بعد الفراغ من العبادة فإنه لا يلتفت إليه ولا يهتم به الإنسان إلا إذا تيقن الخلل فإنه يجب عليه تداركه، الله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
98-انقطاع الماء أثناء الوضوء
السؤال: إذا انقطع الماء أثناء الوضوء، ثم عاد وقد جفت الأعضاء فهل يبني الإنسان على ما تقدم أم يعيد الوضوء؟
الجواب:
هذا ينبني على معنى الموالاة وعلى كونها شرطاً لصحة الوضوء، وللعلماء في أصل المسألة قولان:
أحدهما: أن الموالاة شرط وأنه لا يصح الوضوء إلا متوالياً فلو فصل بعضه عن بعض لم يصح، وهذا هو القول الراجح، لأن الوضوء عبادة واحدة يجب أن يكون بعضها متصلاً ببعض، وإذا قلنا بوجوب المولاة وأنها شرط لصحة الوضوء فبماذا تكون الموالاة؟ قال بعض العلماء: الموالاة أن لا يؤخر غسل عضو حتى يجف الذي قبله بزمن معتدل إلا إذا أخرها لأمر يتعلق بالطهارة كما لو كان في أحد أعضائه بويه (دهان)، وحاول أن يزيلها وتأخر في إزالة هذه البوية (الدهان) حتى جفت أعضاؤه فإنه يبني على ما مضى ويستمر ولو تأخر طويلاً لأنه تأخر بعمل يتعلق بطهارته، أما إذا تأخر لتحصيل ماء كما في هذا السؤال فإن بعض أهل العلم يقول: إن الموالاة تفوت وعلى هذا فيجب عليه إعادة الوضوء من جديد، وبعضهم يقول: لا تفوت الموالاة لأنه أمر بغير اختياره وهو لازال منتظراً لتكميل الوضوء، وعلى هذا إذا عاد الماء فإنه يبني على ما مضى ولو جفت أعضاؤه، على أن بعض العلماء الذين يقولون بوجوب الموالاة واشتراطها يقولون: إن الموالاة لا تتقيد بجفاف العضو وإنما تتقيد بالعرف، فما جرى العرف بأنه فصل بينه فهو فاصل يقطع الموالاة، وما جرى العرف بأنه ليس بفاصل فليس بفاصل مثل الذين ينتظرون وجود الماء إذا انقطع، هم الآن يشتغلون بجلب الماء، عند الناس لا يعد هذا تقاطعاً بين أول الوضوء وآخره، فيبني على ما مضى، وهذا هو الأفضل، فإنه إذا جاء الماء يبنون على ما مضى اللهم إلا إذا طال الوقت مدة طويلة يخرجها عن العرف يبدأون من جديد والأمر في هذا سهل.
الشيخ ابن عثيمين